مراوغات الحجاب
المصدرك نقلا عن موقع الدر المكنون جزاهم الله خيرا
بسم الله الرحمن الرحيم أن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؟
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )).
((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)).
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا لله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)).
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل
بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
كيف تقرأين هذا الكتاب...؟ !
أيتها القارئة الكريمة ...
وأنت في أول صفحات هذا الكتيب تقفين على عتباته أحب أن أضع بين يديك طريقة استعمال وقراءة هذا الكتيب..! إنني أقترح عليك أن تقرأي هذا الكتيب وأنت فارغة اليد مطمئنة البال مرتاحة النفس خالية الوفاض من كل هم أو نصب... فإن كنت كذلك فادخلي وابدئي باسم الله في تقليب صفحات هذه الرسالة أما إن كنت غير ذلك فاقترح عليك أن تضعي الكتيب جانبا وتنتظري حتى ترتاح نفسك ويطمأن بالك وتفرغ يدك...
ثم إني بعد كل هذا أريد أن أضع بيني وبينك اتفاقية مفادها (( وما كان لمؤمن ولا- مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ".
والمؤمنون على شروطهم... وعلى الرحب والسعة أدعوك لقراءة هذه الرسالة.
بدون مقدمات...!
هل هناك ما يستدعي أن أجتر تلك المقدمة التقليدية والتي اعتدنا أن نقدم بها عندما نكتب عن النساء والتي تتحدث عن مكانة المرأة في الإسلام... وماذا قدم لها الإسلام...؟ و... و...؟!.
أم أننا وصلنا إلى مرحلة نتحدث فيها عن المرأة وللمرأة بثقة المؤمن وبإيمان الواثق بعيدا عن نبرة الهزيمة التي تجعل كثيرا منا يتحدث عن المرأة وكأن الإسلام خصما وندا لها...!
والحمد لله... فإنني أعتقد أننا وصلنا إلى المرحلة الأخيرة... وهذا من فضل الله علينا أن جعل منا مسلمين ومسلمات وقانتين وقانتات وتائبين وتائبات ((قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )).
ولذا... فإنني أحس أننا بحاجة إلى أن نتحدث عن المرأة من خلال موضوعات أكثر لصوقا وأشد وضوحا عن قضاياها.
وهذه الرسالة- أيتها الأخت- هي محاولة للحديث عن ظاهرة تتكرر بين وقت وآخر تحزن القلوب وتكسر النفوس، وتستدر الدموع من محاجرها.
تلكم هي ظاهرة: ((المراوغات في الحجاب )) في طريقة التفصيل وطريقة اللبس إلى حد مضحك مبك.
إن أولئك اللواتي يراوغن ويتلاعبن بالحجاب هن تماما مثل ذلك الرجل الذي نزع أسفل حذائه واكتفى بأعلاه..!!
فهل تظنين- أيتها المباركة- أن هذا سوف يحميه من الأشواك والأوساخ 00. ((أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم )).
بعض مظاهر المراوغات في الحجاب
المظهر الأول :
1- الحجاب المتبرج:
إنني قد أجد تفسيرا لأن تختار المرأة إطارا جيدا لنظارتها أو لونا زاهيا لساعتها أو تصميما رائعا لقلادتها لأن من حقها أن تتزين بكل هذا...
ولكن ما لا استطيع أن أفسره هو أن تتفنن المرأة في اختيار الموديل الجديد والتصميم الحديث والشكل الجميل لعباءتها وحجابها؟ وإذا سألتيها: لماذا كل هذا؟، قالت: لك بصوت سريع: أزين شكل..؟!! وكأن الحجاب أصبح للزينة بدل إن كان لغطاء الزينة...!
ولعلك- أنت أيتها القارئة الكريمة- وقفت أمام محل من تلك المحلات التي تبيع العباءات والطرح بموديلات متنوعة وتصميمات مختلفة وكأن الله- سبحانه وتعالى- لم يقل: ((ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)).
تفنن غريب في ارتداء العباءة... فهذه امرأة تطلب عباءة مزينة ب (القيطان).. وثانية تسأل عن موديلات (الدانتيل) وثالثه عن موديلات (التخريم)... أما الرابعة فعندما لم تجد النوع الذي تريد فإنها لم تتردد في الذهاب إلى محل تفصيل العباءات لتضع الموديل الذي اخترعه الشيطان في قلبها.
مشهد آخر من مشاهد التفنن في ارتداء الحجاب المتبرج... تلك الأخت التي رأيتها مرة تمشي في السوق وقد وضعت العباءة على كتفها ولفت طرحتها على رأسها حتى بدى قوامها وامتشق قدها...!
أيتها القارئة الكريمة دعينى أعلق على هذا المشهد فاكتب لك سؤالا:
هل مثل هذه اللبسة للعباءة هي للستر أم لأنها أجمل شكلا والبق منظرا..؟!
وأنا هنا لست أدعي أن كل من فعلت هذه التصرفات فإنها سيئة الطبع خبيثة القصد...
لا... ولكن بعقلك الذي احترمه وبرأيك الذي أقدره توافقينني على أنه مهما يكن قصد من فعلت هذا فإن هذه التصرفات إنما هي مرواغات في حجاب المرأة شعرت أختنا بذلك أم لم تشعر...
وهنا فإنني أسوق لك فتوى فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين والتي تحدث فيها عن مثل هذه الظاهرة.
حكم وضع العباءة على الكتف
فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين : حفظه الله
فإنه انتشرت بين نساء المسلمين ظاهرة خطيرة وهي لبس بعض النساء العباءة على الكتفين وتغطية الرأس بالطرح والتي تكون زينة في نفسها وهذه العباءة تلتصق بالجسم وتصف الصدر وحجم العظام ويلبسن هذا اللباس موضة أو شهرة. ما حكم هذا اللباس؟ وهل هو حجاب شرعي؟ وهل ينطبق عليهن حديث النبي صلى الله عليه وسلم : "صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما... "، أفتونا مأجورين وجزاكم الله خير الجزاء. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وبعد فقد أمر الله النساء المؤمنات بالتستر والتحجب الكامل فقال تعالى: ((يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ))، والجلباب هو الرداء الذي تلتف به المرأة ويستر رأسها وجميع بدنها ومثله المشلح والعباءة المعروفة والأصل أنها تلبس على الرأس حتى تستر جميع البدن فلبس المرأة للعباءة هو من باب التستر والاحتجاب الذي يقصد منه منع الغير عن التطلع ومد النظر. قال تعالى: (( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ))، ولا شك أن بروز رأسها ومنكبيها مما يلفت الأنظار نحوها. فإذا لبست العباءة على الكتفين كان ذلك تشبها بالرجال وكان فيه أبراز رأسها وعنقها وحجم المنكبين وبيان بعض تفاصيل الجسم كالصدر والظهر ونحوه مما يكون سببا للفتنة وامتداد الأعين نحوها وقرب أهل الأذى منها ولو كانت عفيفة.
وعلى هذا فلا يجوز للمرأة لبس العباءة فوق المنكبين لما فيه من المحذور ويخاف دخوله في الحديث المذكور وهو قوله صلى الله عليه وسلم : "صنفان من أمتي من أهل النار إلى قوله: "ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها... إلخ " والله اعلم.
قاله وكتبه/ عبد الله بن جبرين- عضو الإفتاء
قبل أن نتحدث عن الظاهرة الثانية، فإن ما ذكرنا من نماذج الحجاب المتبرج إنما هي على سبيل المثال لا على سبيل الحصر... ومحلات العباءات حبلى يلدن كل جديد..!!
المظهر الثاني:
2-الحجاب المرن:
هل الحجاب مادة معدنية يتقلص بالموضة ويتمدد بالموضة أم هو حد من حدود الله وشرع من شرعه ((ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه )).
أيتها القارئة الكريمة... عفوا إن كانت عيناك قد تعبت من القراءة فأرجو أن تغمضيها وتريحها قليلا ثم عودي إلى القراءة من جديد..!
والآن دعيني أضرب لك مثلا يتعلق بظاهرة الحجاب المرن..
أتوقع أنك ذهبت مرة إلى السوق وقابلت امرأة قد لبست حجابها على هيئة النقاب فأظهرت عينيها وجزء من خدها وربما وضعت (المكياج) عليهما حتى بدت بشكل ملفت مثير.
وكثيرا ممن يلبسن الحجاب بتلك الهيئة لا يتميز وجههن بذلك الجمال الرائع أو القسمات الفاتنة ولكني عندما تضع النقاب- تعويضا لهذا النقص- فإنها تبدو شيئا آخر.
ونحن نتحدث عن هذه القضية- كظاهرة فقط- فإنه من الخطأ أن تعتقدين- أيتها المسلمة- أن نقاب هذا الزمان يستند إلى أصل شرعي أو دليل قطعي. وفرق بين نقاب الصحابيات ونقاب.....!!!
وحتى ترتاح نفسك ويطمأن بالك أتركك مع فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين حتى يحدثك عن حكم هذا النقاب من خلال هذه الفتوى.
حكم لبس النقاب والبرقع
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين سؤالا مهما مفاده أنه في الأونة الأخيرة انتشرت بين أوساط النساء بشكل ملفت للنظر وهي ما يسمى بالنقاب، والغريب في هذه الظاهرة ليس النقاب، إنما طريقة لبس النقاب لدى النساء ففي بداية الأمر كان لا يظهر من الوجه إلا العينان فقط ثم بدأ النقاب بالاتساع شيئا فشيئا فأصبح يظهر مع العينين جزء من الوجه مما يجلب الفتنة ولاسيما أن كثيرا من النساء يكتحلن عند لبسه، وهن أي النساء إذا نوقشن في هذا الأمر احتججن بأن فضيلتكم قد أفتى بأن الأصل فيه الجواز، فنرجو توضيح هذه المسألة بشكل مفصل وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته بقوله:
لا شك أن النقاب كان معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن النساء كن يفعلنه كما يفيده قوله لصلى الله عليه وسلم المرأة إذا أحرمت ألا تنتقب، فأن هذا يدل على أن من عادتهن لبس النقاب،
ولكن في وقتنا هذا لا نفتي بجوازه بل نرى منعه وذلك لأنه ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز، وهذا أمر كما قاله السائل مشاهد. ولهذا لم نفت امرأة من النساء لا قريبة ولا بعيدة بجواز النقاب أو البرقع في أوقاتنا هذه بل نرى أنه يمنع منعا باتا وأن على المرأة أن تتقي ربها في هذا الأمر وأن لا تنتقب لأن ذلك يفتح باب شر لا يمكن إغلاقه فيما بعد.
صحيح هذا الجواب الصادر مني عن حكم النقاب. كتبه محمد الصالح العثيمين في 1/3/1412هـ.
وحتى لا أكون مستبدا فإنني أحب أن أسمع رأيك في هذه المسألة: إذ أنني أحس كأنك تريدين أن تقولي:
أنا متفقة معك أن لبس النقاب- أو غيره- لقصد الزينة أو لأي قصد محرم أنه عمل لا يجوز...
ولكنك متحامل علينا؟ فأنا- مثلا- لست ألبس النقاب حتى أفتن الرجال أو حتى أحقق قصدا محرما؛ إنما كل ما في الأمر أنني أريد أن أرى الطريق فلا أتعثر وأريد أن أقلب البضاعة بيسر وسهولة فهل هذا خطأ أيضا..؟!
وحتى أجيب عن هذا التساؤل أقول:
أولا: أنسيت تلك الاتفاقية التي بدأتها معك في أول هذه الرسالة والتي كان مفادها (( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )).
ثانيا: أنك لست معزولة عن المجتمع الذي تعيشين فيه فإذا كنت- أنت- تلبسينه وقصدك بريء فسوف تأتي من تقلدك وقصدها غير بريء.
ثالثا: وما الذي يدري أصحاب العيون المسعورة عن هذه النية الحسنة التي تملكينها..؟!
رابعا: قد جاءت هذه الشريعة بسد الذرائع إذ أن الشارع قد ينهى عن الواجب والمباح سدا للذرائع وأقرب مثال على ذلك ما يفهمه من هذه الآية: ((ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم )).
وثمة مشاهد أخرى للحجاب المرن أذكر منها على سبيل المثال: تشمير العباءة عن الساعدين وعدم لبس القفازات والجوارب، وظهور القدمين ولبس (الغطوة) الخفيفة.. أرجو أن تكوني قد اقتنعت بما قلته وأدركت ما أقصد وما أرمي إليه.
وحتى أريحك من كثرة كلامي فإنني أتركك الآن تستمتعين بهذه المحاورة العجيبة التي دارت بين نبي وامرأة- ولا حظي المرأة في ذلك الوقت بماذا كانت تطالب!:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة )) فقالت أم سلمه رضي الله عنها: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟! قال صلى الله عليه وسلم : "يرخينه شبرا". فقالت: إذا تنكشف أقدامهن. قال صلى الله عليه وسلم : "فيرخينه ذراعا ولا يزدن عليه ". رواه الترمذي وغيره وقال: حديث حسن صحيح وهو في صحيح سنن الترمذي برقم (1415)،.
المظهر الثالث : الحجاب اليتيم .
إليك- أيتها الأخت- هذه اللقطات السريعة التي التقطتها من الأسواق والحدائق والأماكن العامة والتي أسوقها مدخلا للحديث عن المظهر الثالث:
1- امرأة تلبس عباءتها وحجابها ولكن فوق ثوب مشقوق من الجانبين أو فوق تنورة مفتوحة.
2- امرأة أخرى تلبس عباءتها وحجابها ولكن فوق بنطلون وفي بعض الأحيان يكون البنطلون (ضيقا).
3- امرأة ثالثة تمشي وقد لبست العباءة والحجاب ولكن الطيب يتضوع منها ويتحرك معها.
4- امرأة رابعة قد أكملت حجابها ولمت عباءتها ولكنها تتحدث مع صاحب المحل بصوت متكسر يطمع الرجال فيهن.
والآن أرجو منك أن تتنفسي بعمق وأن تسترخي قليلا بعد هذه اللقطات والضربات الأربع.
ثم لعلك أدركت حجم التناقض الكبير الذي تعيشه كثير من فتياتنا وهن يرتدين الحجاب... ولذا أصبح الحجاب يتيما إذ كيف يستطيع الحجاب أن يؤدي دوره أمام هذه المعوقات التي تعيق عمله وتبطل أثره. إن الحجاب- أيتها الأخت- كل لا يتجزاء.
ودعينا الآن نخرج من جو الغرفة التي تجلسين فيها لننتقل إلى جو المدينة النبوية الطيبة المباركة ونعود إلى الوراء قليلا لنعيش كلام الله وهو ينزل على أصحاب محمد يعلمهم ويربيهم حتى يصبح الحجاب متكاملا غير ناقص ولا مبتور ولا يتيم.
قال تعالى: ((... ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن... )).
وقال- سبحانه-: (( يا نساء النبي إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض )).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيما امرأة استعطرت ثم خرجت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية". رواه الإمام أحمد وغيره بإسناد حسن (صحيح الجامع 2701)،.
هاه ما رأيك... إن الله عز وجل لم يكتف فقط بالأمر بالحجاب والنهي عن التبرج والسفور وإنما أقر وحث على تجنب كل ما قد يؤثر في هيبة الحجاب.
لأن الضرب بالأرجل والخضوع في القول والتطيب و... و... عبث ومراوغة في لبس الحجاب الشرعي.. ألا توفقينني.
ما هي الأسباب
1- انحراف المسار
ما هو الشعور الذي تحسين به عندما تنشرين عباءتك على جسمك وتسدلين خمارك على وجهك...؟!
أرجو ألا تقولي لي: إن هذه عادة تعودتيها وتقاليد تعلمتيها وأن الأمر لا يعدو أن يكون من العادات والتقاليد...
إن مثل هذا الشعور تجاه الحجاب هو الذي جعله ينحرف عن مساره لأن العادات والتقاليد من السهل تجاوزها.
ومن هذا الشعور- أيتها الأخت- استطاع أعداء الحجاب أن يصوغوا خطابهم لك عندما قالوا: ما هذا السواد الذي تتلفعين به يا ابنة القرن العشرين...؟! إن الحجاب والعباءة موروث قديم وتقاليد بالية يجب عليك أن تثوري عليهما كما ثرت من قبل على المقرصة والرحى. وسوف يأتي حديث آخر- بإذن الله- عن هذه القضية.
2- مع الخيل يا شقراء:
أيتها الأخت... كثير من النساء تحدد صفة الحجاب الذي سوف ترتديه من خلال مكالمة هاتفية مع صديقتها أو من خلال جولة في السوق أو من خلال رؤية إحدى الزميلات.
ألا تعتقدين- أيتها القارئة- أن تلك التصرفات التي تقوم بها تلك النسوة من تقليد الغير ومحاكاة الزميلات والتأثر بالوسط بشكل سريع أنها نوع من ذوبان الذات وضعف الشخصية فضلا على أنه إيثار لأمر الناس على أمر الله؟ ولذا فإنني أدعوك أن تجلسي مع نبيك-صلى الله عليه وسلم - ليفيض عليك شيئا من فيض النبوة ويسكب في مسمعك قليلا من نور الحكمة؛ استمعي إليه وهو يحثك على بناء شخصيتك على منهج الكتاب والسنة؟ مستقلة ومعرضة عن كل ما يخالف ذلك: "لا يكن أحدكم إمعة يقول: أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إذا أحسن الناس احسنوا وإذا أساؤوا أن تجتنبوا إساءتهم ".
ولعل ذاكرتك- أيتها القارئة- قد بدأت تستعرض كثيرا من الأخوات- وربما أنت منهن- لم يوقعهن في مراوغة الحجاب إلا محض التقليد ومجرد المحاكاة.
3- التهاون والتساهل :
إن هذه النقلة البعيدة من طور كان الحجاب فيه مظهرا من مظاهر الحشمة أكثر من كونه مظهرا من مظاهر الجمال والزينة إلى طور أصبح الحجاب فيه مظهرا من مظاهر الجمال.. هذه النقلة لم تكن وليدة اللحظة ولا حادثة اليوم إنما هو ركام سنوات طويلة من التغريب والتغيير...
وإن من الأسباب الرئيسة وراء تجمع هذا الركام حتى أصبح بصورته اليوم- هو التهاون والتساهل.
فيوم تهاونت وتساهلت المرأة رفعت عباءتها عن الأرض بحجة أنها تتسخ...
ويوم تهاونت وتساهلت المرأة حملت عباءتها على ساعديها بحجة أنها تعيقها عن الحركة...
ويوم تهاونت وتساهلت المرأة لبست غطاء شفافا ووضعت النقاب بحجه أنها لا ترى الطريق...
ويوم تهاونت وتساهلت المرأة لبست موديلات العباءات المطرزة بحجة جمال المنظر...
ويوم تهاونت وتساهلت المرأة وضعت عباءتها على كتفها بحجة البحث عن السهولة والراحة في لبس العباءة.
وهكذا حتى يأتي اليوم الذي نبحث فيه عن الحجاب الشرعي فلا نجده... ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وصدق الله إذ يقول: ((يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر))!
سبل الإصلاح
1-إلا هذه ....!
أيتها الأخت الكريمة، أريد أن أسمع منك أي عذر تعتذرين به عن لبس عباءتك لبسا شرعيا لأناقشك فيه... ولكن لا أريد أن تقولي لي: أن سبب إعراضك عن الحجاب الشرعي هو أنك تتعمدين التجرؤ على حدود الله وتقصدين انتهاك أوامر الله...
لا أريد أن تقولي: إنك لم تقدري الله حق التقدير ولم تعظميه حق التعظيم ولم تخافيه حق الخوف... هل تعتقدين أن الله ضعيف...؟! أو أن الله غافل..؟! أو أن الله لا يعلم سرك وجهرك..؟!؛... ألم تسمعي أن الله علام الغيوب ألم تسمعي إلى قوله تعالى: ((وهو القاهر فوق عباده )) ((يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور)) (( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)) (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )).
أنت: أيتها المسلمة تملكين قلبا تسري فيه رقابة الله وتملكين روحا تخفق خوفا من الله... فهل تراك بعد هذا تصدين عن الحجاب الشرعي صدودا..؟!
2- ميراث أم تراث
إن هذا الحجاب الذي عليك- أيتها المحجبة- ليس قطعة أثرية ورثتيها عن مجتمعك بل هو ميراث نبوي ورثتيه عن سلالة الطهر والعفة...
كم هو جميل- أيتها الأخت المحجبة- أن تشعري بروح العبادة تنتفض في قلبك وأنت تتدثرين حجابك وتلبسين عباءتك. والله إني لأرى تلك المرأة المحجبة وقد أحسنت واتقت الله في لبس عباءتها وحجابها فإذا حجابها فضفاضا والقفازات والجوارب تشارك في حشمتها فعلت كل ذلك ولم يجبرها شرطي المرور ولا رجل الأمن وإنما استجابة لأمر الله يوم قال: ((يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفور رحيما )) أراها تفعل كل هذا فأكبرها واحترمها وأجزم أنها استعلت على كل رغائب الدنيا وانتصرت على كل قوى الإغراء فلها منا أطيب الدعاء وبالغ الاحترام.
3- مهزمون وأنت منتصرة
أعتقد أن تلك الدعوات التي كانت في وقت من الأوقات قوية الحضور سليطة اللسان تدعو إلى تحرير المرأة لتكون دمية ولعبة في أيديهم، وتقول إن الحجاب هو وصمة عار في جبين البنت العربية... إلخ.
أعتقد أنها اليوم قد ذبلت وماتت أو كادت... ولكن على أي حال فدورك- أيتها الأخت- أن لا تنخرطي في سلك جيش الهزيمة النفسية والانتكاسة الفطرية.
إنك قوية ومنتصرة وعزيزة بدنيك وبقرآنك وبهدي نبيك محمدصلى الله عليه وسلم .
((ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين )).
ولا عليك أن تكوني غريبة في دنيا العبيد (فطوبى للغرباء).
4- الحرب الباردة :
أرجو ألا تخافي من هذا العنوان فالأمر بسيط جدا..! هذه المحلات التي تعرض موديلات وأشكال العباءات والطرح من الذي يشتري منها..؟
بالطبع ليس الذي يشتري هن نصرانيات أو يهوديات أو شيوعيات... لا إنما الذي يدعمها ويشتري منها هن بنات التوحيد فهل يعقل هذا..؟
أيتها الأخت بعد قراءتك لهذه الكلمات أرجو أن تضعي يدك في يد أختك ويديكما في يد زميلتك وضعوا أيديكن كلكن في يد بعض وتعاون على مقاطعة هذه المحلات فأنتن بذلك تمارسن حربا وإن كانت باردة ومعركة وإن كانت غير معلنة على مثل هذه المحلات التي تمارس تجارة الحجاب المنحرف.
((والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)).
5- السحر الحلال :
الكلمة الساحرة... والنصيحة المؤثرة... والشريط المفيد... والكتيب الهادف... والهدية المغلفة... كلها
إذا وجدت في مجتمعك مع من حولك فإنها تهدي الضال وتذكر الغافل وتوقظ النائم.. والمؤمنون نصحة والمنافقون غششة ((والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)) سورة العصر،.
6- هل تقبلين التحدي :
"... إن المرأة المسلمة هي أبعد أفراد المجتمع عن تعاليم الدين وأقدرهم على جر المجتمع كله بعيدا عن الدين " .
"نزرع الثقافة الزائفة تلك السم الأقوى والأطول مدى، نطفئ العيون، نمحق الخير والصواب، نخنق الوجدان والفهم، نقتل الضمائر، نخلق صراعات وهمية، وقوتنا أن تظل الشعوب جاهلة لغاياتها، وعابثة في الصراع الزائف بين المرأة والرجل، وبين الموضة والأصالة" .
إنها مقولات تفور تحديا وتغلي استهتارا بك وبدينك وتفيض بحاجة ووقاحة... مساكين هؤلاء الأوباش لقد ظنوك سفيهة غرة يسهل اصطيادك وخداعك فهل تقبلين التحدي..؟!
وهل تخيبين ظنهم..؟!
وتصدقين ظننا..؟!
***
والأن استودعك الله وكلي أمل أن تكوني كما عهدتك ملتزمة بدينك متمسكة بحجابك عسى الله أن يحجب وجهك عن النار وأن يكشف لك وجهه في دار القرار.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد